أخبار وتقارير

هادي يتعرض لمحاولات ترويض غايتها رفض الفيدرالية والدولة المدنية..

يمنات – خاص

 

عبد الحكيم الصبري

 

يتعرض الرئيس هادي لمحاولات احتواء وترويض كثيرة ومتعددة أبرزها وأكثرها نشاطاً تلك التي يقودها رجل الدين عبد المجيد الزنداني الذي يسعى جاهداً لجعل توجهات الرئيس وقراراته خاضعة لإرادة قوى دينية سلفية التفكير، بينها وبين تطور العصر ومتطلباته قروناً من الفهم والإدراك.. قوى تنطلق في تعاملها مع الآخر من عقيدة أن هذا الآخر غير مسلم بالمعنى السلفي لمصطلح (مسلم) ما دام يتصادم مع رؤاها وأهدافها الأمر الذي يقتضي تصحيح عقيدته وتقويم سلوكه.. الشيخ الزنداني قاد كوكبة من علمائه ويمم وجهه شطر منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي منبهاً وضاغطاً ببيان علماء رافض نظام الفيدرالية باعتبارها مظهراً من مظاهر الانقسام..

وفي الآن أدان بشدة الأعمال التخريبية التي تستهدف الكهرباء معتبراً إياها حرابة تستوجب إقامة الحد على مرتكبيها.. وإلى هنا فقط  انتهت اهتمامات الشيخ وأولوياته باعتبار الأولى "الفيدرالية" مفسدة كبرى والثانية يحل اهتمام الناس وستعود بالنفع إعلامياً..

لكان ما يجري في أبين منذ سنوات من قتل وتدمير وتشريد يذهل كل مرضعة عن ما أرضعت وجعل كل ذات حمل تضع حملها لم يلفت انتباه الشيخ وعلمائه ولم يثر حميته الدينية مثلما أثارتها الفيدرالية الخطيرة جداً على الدين والدولة المدنية الأكثر خطورة..

الشيخ وكوكبته لم يصدر بياناً في حق القاعدة ورديفه أنصار الشريعة يجرم أفعالهم الصادمة للفطرة السوية فضلاً عن تصادمها مع العقيدة الإسلامية ومقاصدها في الحفاظ على أمن الناس ومعايشهم.. أكثر من ثمانين جندياً قتلوا وذبحوا في دوفس لم تثر لهم حمية الشيخ ومثلهم في الكود وقبلهم المئات في كل مناطق أبين والبيضاء ولحج وعدن وشبوة وحضرموت كل تلك جُرم البشعة لم تثر غيرته الدينية أيضاً.. ما حصل من بشاعة وفضاعة جرائم في السبعين راح ضحيته مائة وثمانية من الجنود الأبرياء وأضعافهم جرحى لم يثر حميته الدينية، الشيخ استشعر الخطر على دين الله فقط من الفيدرالية الملعونة التي هي في نظره إحدى مظاهر الانقسام.. يا الله كم أنت حريص علينا وعلى ديننا يا شيخنا الفاضل.. ليعش اليمنيون في تناحر وقتل وسفك للدماء في ظل نظام يقول عنه الشيخ إسلامياً بدلاً من أن تصان أعراضهم ودماؤهم وأموالهم ويسودهم الأمن والأمان في ظل نظام فيدرالي أثبت نجاحه في كثير من دول العالم ومنها الدولة الشقيقة الجارة الإمارات العربية المتحدة.. إنها فتوى العصر الغربية العجيبة وغضب العالم الغريب العجيب المنتصر لحق الناس في الكهرباء وليس لحقهم في أن يعيشوا في أمان..

"الزنداني يجرم الأفعال التخريبية والعلماء يطالبون بحد الحرابة ضد المعتدين على الكهرباء والنفط والطرقات" ما بين حاصرتين عنوان طالعتنا به صحيفة أخبار اليوم الصادرة يوم الأربعاء الماضي باعتباره انتصاراً لله ورسوله والمؤمنين والمسلمين قاطبة.. الخبر كان صادماً لغالبية أبناء الشعب اليمني باعتبار الانتصار لقضايا صغرى كالكهرباء وإهمال قضايا مصيرية أو التغاضي عن من فئة تقول إنها مرجعية للأمة أمر يجردها من شرعية تمثيل الدين والتحدث باسم الله ويضعها في دائرة الاتهام، فقضية قطع الكهرباء وتفجير أنبوب النفط رغم أهميتها لا تحتل أولوية الاهتمام مع بروز نشاط أنصار الشريعة (الخديعة) وما يقومون به من قتل للنفس وبطرق بشعة لا تتم إلا عن ثقافة إجرامية ظلامية بحتة لا علاقة لها بالدين المنزه عن مثل هكذا إجرام ووضاعة وعي.. انتظر الناس خلال معارك أبين في فترة النظام السابق بياناً من شيخنا يدين التهاون في قتال الإرهابيين في أبين ويجرم أفعالهم بل ويكفرها مثلما كفر الكاتبة والناشطة بشرى المقطري التي لم تقتل نفساً ولم تقطع طريقاً بل كتبت نصاً لم يتفق وهوى تيار الطائفية السياسية فذهب به إلى حيث يشاء من التأويل والتفسير وإصدار فتواه (الحزب عبر جماعة من علمائه) باسم الله ورسوله والمؤمنين.. وكما في المرة الأولى انتظر الناس بياناً زندانياً يؤيد فيه الشيخ الخطوات الوطنية الجريئة والشجاعة التي يخطوها والجيش في الحرب ضد الإرهاب في اليمن الذي قتل وشرد وأذل وأهان وسلب ونهب في معظم محافظات اليمن.. كل ذلك أمر هين في نظر الشيخ في مقابل الفيدرالية المشئومة وشقيقتها الدولة المدنية وثالثة الأثافي الأعمال التخريبية المستهدفة للكهرباء وأنبوب النفط شريان العيش الرغد لأحزاب الوفاق والاتفاق على تقاسم الخيرات باسم الثورة والثوار..

حديث الشيخ وكوكبة الإفتاء مع الرئيس واقتصاره على خطر الفيدرالية المزعوم وإدانة وتجريم تخريب تيار الكهرباء دفع بالرئيس إلى تنبيه الشيخ وزمرته بطريقة دبلوماسية إلى ضرورة الانتباه إلى القضايا الكبرى والمصيرية من خلال كلمته التي ألقاها فيهم حيث أشار إلى دور العلماء في عملية تنوير المجتمع في ما يهم مصالحه وما يجوز ولا يجوز فعله في إشارة إلى ما يقوم به الإرهابيون في كثير من محافظات الوطن ومنها جرائم أبين وجريمة السبعين البشعة.. في مقابل ذلك تحدث الشيخ وتحدث إخوانه ولكنهم بالمطلق لم يتطرقوا لما يدور في أبين ولا ما وقع في السبعين.. والسؤال الذي نتمنى على الشيخ الإجابة عليه هو: لماذا هذا الصمت والتغاضي من قبلكم تجاه ما يجري في أبين وما حدث في السبعين؟ لأن سكوتكم ذهب بالناس إلى كثير من التحليلات والتفسيرات التي ليست بالمطلق لصالحكم ولكنها في مجملها اتهامية وقد تكون محقة ما دام السكوت على المنكر سيد الموقف لديكم فماذا أنتم فاعلون؟!.

زر الذهاب إلى الأعلى